إن الإيمان باليوم الآخر وما فيه من جنة ونار هو ركن أساسي من أركان عقيدة المسلم. وقد وعد الله تعالى عباده المؤمنين الصالحين المتقين بجناتٍ عرضها السماوات والأرض، ينعمون فيها بجمالها ويبتهجون بحسنها ويقيمون في ظلها. هذه الجنة هي خير ما اجتهد له المجتهدون، وفيها من النعيم ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر. وقد كان النبي محمد صلى الله عليه وسلم يُكثر من الإخبار عن الجنة بما يشوق النفوس إليها ويشحذ الهمم لها، لِيُشمِّر لها الطالبون ويرغب فيها الراغبون.
لقد رسم لنا الرسول الكريم، بأحاديثه الصحيحة، صورًا تفصيلية لدار النعيم، تجاوزت مجرد التخيل، لتصبح واقعًا نرجوه. في هذا المقال، سنغوص في رحاب الأحاديث النبوية الصحيحة لنستعرض وصف الجنة كما وصفها الرسول ﷺ، متأملين في بناء هذه الدار، وصفات أهلها، وأطايب طعامهم وشرابهم، وصولاً إلى أعظم النعيم الذي ينتظرهم، لنعيش وصف الجنة ونعيمها كأنك تراها.
الجنة في السنة النبوية: نعيم لا يُقاس بنعيم الدنيا
الجنة هي دار الثبات والقرار، ليس فيها تغير ولا فساد، وهي ليست دار الأضداد كما هي الدنيا. وقد جاء وصف الجنة في القرآن والسنة بكونها نور يتلألأ، وريحانة تهتز، وقصر مشيد، ونهر مطرد، وفاكهة ناضجة، وزوجة حسناء جميلة، وحلل كثيرة. الجنة درجات ومراتب، يرتقي بها المؤمن حسب درجة إيمانه وعمله الصالح.
بناء الجنة
إن أبنية وقصور ومساكن الدنيا، مهما كانت فخمتها وجمالها، لا تشبه ما في الجنة إلا في الاسم فقط. فالجنة فيها من سحر المساكن وجمال القصور وعلو الغرف وتلألؤ الخيام ما تقر به العين وتسكن إليه النفس.
لقد ثبت في الحديث النبوي الشريف وصف دقيق لبناء الجنة ومكوناته، حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم: «الْجَنَّةُ بِنَاؤُهَا لَبِنَةٌ مِنْ فِضَّةٍ وَلَبِنَةٌ مِنْ ذَهَبٍ». ويشير العلامة المباركفوري في شرح هذا الحديث إلى أن البناء يكون مُرَصَّعًا من هذين المعدنين الثمينين.
ملاط البناء: أما المِلاط، وهو ما يكون بين اللبنتين وموضع النُّورة (الطين الذي يُملط به الحائط)، فإنه ليس كالطين أو الإسمنت في الدنيا، بل هو الْمِسْكُ الْأَذْفَرُ، أي المسك الشديد الرائحة الطيبة.
حصباؤها وتربتها: وحصباؤها، أي الحصى الصغار الموجودة في الأنهار وغيرها، هي من اللُّؤْلُؤُ وَالْيَاقُوتُ، التي تكون مثلها في اللون والصفاء. أما تربة الجنة، أي مكان التراب، فقد ورد لها وصفان صحيحان:
- أنها الزَّعْفَرَانُ: وهو الزعفران الناعم الأصفر الطيب الريح. وبذلك يجمع بناء الجنة وتربتها بين ألوان الزينة: البياض والحمرة والصفرة.
- أنها درمكة بيضاء مسك خالص: والدرمكة هي الدقيق الحُوَّاري (الخالص البياض). وقد سأل ابن صياد النبي صلى الله عليه وسلم عن تربة الجنة فقال له النبي ﷺ: "درمكة بيضاء مسك يا أبا القاسم" قال: "صدقت".
مساكن أهل الجنة وغرفهم: وعد الله عباده المؤمنين بمساكن طيبة. هذه المساكن هي غرف (قصور) مبنية بعضها فوق بعض، وطباق فوق طباق، تكون محكمة ومزخرفة وعالية. يقول تعالى واصفاً مساكن المتقين: ﴿لَهُمْ غُرَفٌ مِنْ فَوْقِهَا غُرَفٌ مَبْنِيَّةٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ﴾. ويخبرنا الله سبحانه أن أهل الجنة يدخلونها ويتعرفون على بيوتهم ومساكنهم وكأنهم قد سكنوها منذ خلقوا، لا يخطئون أماكنها، ولا يحتاجون إلى أحد ليدلهم عليها.
الحياة الخالدة لأهل الجنة: صفات لا نقص فيها
إن أهل الجنة يعيشون حياة سعيدة هادئة طيبة يقيمون فيها أبداً ولا يبغون عنها حولاً. فمن يدخلها يَنْعَمُ لَا يَبْأَسُ، أي لا يشوبه نعيمها بؤس أو شدة أو عذاب. ويكونون خالِدُونَ لَا يَمُوتُونَ، أي يدومون ولا يفنون.
الهيئة الخَلْقية لأهل الجنة (الطول، السن، الجمال)
وصف النبي ﷺ الهيئة التي يبعث عليها أهل الجنة، وهي هيئات الكمال:
- الطول: يكون المؤمن على طول سيدنا آدم عليه السلام، وهو ستون ذراعًا (الذراع يُقدّر بحوالي 64 سم في المقاييس المعاصرة). ويدخل كل من يدخل الجنة على صورة آدم.
- السن والشباب: لا يفنى شبابهم ولا يهرمون ولا يخرّفون. يكون عمرهم بين الثلاثين والثلاث والثلاثين سنة.
- المظهر: يدخل أهل الجنة جُرْدًا، مُرْدًا، مُكَحَّلِينَ.
- جُردًا: أي خالية أجسامهم من الشعر.
- مُردًا: أي شباب طر شاربهم ولم تنبت لحيتهم.
- مكحلين: وهذا من تمام الزينة والحسن.
- الجمال الداخلي والخارجي: ثبت في أحاديث حسّنها العلماء أنها على حسن يوسف، وعلى قلب أيوب.
الحياة اليومية: الأكل والشرب بلا فضلات
الحياة في الجنة هي تنعّم دائم لا ينقطع أبداً. يأكل أهلها ويشربون، ولكن هذا الأكل والشرب يختلف كلياً عن أكل الدنيا، إذ لا ينتج عنه أي أوساخ أو فضلات.
فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إنَّ أَهْلَ الجَنَّةِ يَأْكُلُونَ فيها ويَشْرَبُونَ، ولا يَتْفُلُونَ ولا يَبُولونَ ولا يَتَغَوَّطُونَ ولا يَمْتَخِطُونَ».
مآل الطعام: عندما سأل الصحابة الكرام النبي ﷺ عن مآل الطعام والشراب إذا لم يكن هناك بول ولا براز، أخبرهم أن فضلات الطعام تخرج على هيئة:
- جُشَاءٌ: وهو صوت يخرج من الفم عند امتلاء المعدة.
- رَشْحٌ كَرَشْحِ المِسْكِ: أي عرق يكون كريح المسك وطيبه.
هذا الوصف يوضح نفي جميع أشكال النقص عن أهل الجنة، وأنهم لا يكون منهم شيء من أوساخ الدنيا الناتجة عن الأكل والشرب.
تسبيح وتحميد مُلهَم
من النعيم المعنوي العظيم في الجنة أن أهلها يُلهَمُونَ التسبيح والتحميد. فكأن تسبيحهم وتحميدهم يجريان مع الأنفاس، كما يُلهم الناس في الدنيا التنفس. وهذا الذكر يجري دون تعب أو مشقة، ويدل على امتلاء قلوبهم بمحبة ربهم، فلا يخرج منهم نفَس إلا مقروناً بذكر الله وشكره.
طعام أهل الجنة وشرابهم: فاكهة ولحم طير ورحيق مختوم
وصف الله تعالى طعام أهل الجنة وشرابهم بأنهما من أنواع الملذات التي تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ. فهم يُطاف عليهم بِصِحافٍ (أوانٍ) وأكواب من ذهب.
أول طعام لأهل الجنة
ورد في السنة النبوية ذكر أول ضيافة وأول غذاء لأهل الجنة:
- تحفتهم (أول ضيافة): هي زِيَادَةُ كَبِدِ حُوتٍ (أو النون). وزائدة الكبد هي القطعة المنفردة المتعلقة في الكبد، وهي أطيبها. وقد سُئل النبي ﷺ عن أول طعام يأكله أهل الجنة فقال: «زِيَادَةُ كَبِدِ حُوتٍ».
- غذاؤهم على إثرها: ثَوْرُ الجَنَّةِ الذي كان يأكل من أطرافها. وقد ثبت أن سبعين ألفاً يأكلون من زائدة كبد هذين (الثور والنون).
ويُرزقون في الجنة بفاكهة مما يتخيرون، ولحم طير مما يشتهون. وثمار الجنة دائمة لا تنقطع. كما أن هذه الثمار تكون قريبة دانية من أهل الجنة، تُقدّم إليهم وهم مكرمون.
أنهار الجنة وعيونها المباركة
الجنة فيها أنهار وعيون تنبع كلها من الفردوس الأعلى. ومن أطيب شرابهم:
-
نهر الكوثر: وهو نهر خاص أُعطي لرسول الله صلى الله عليه وسلم في الجنة.
- وصفه: حافتاه من قباب اللؤلؤ المجوف.
- تربته ومجراه: تربته أطيب من المسك، ومجراه على الدُّر والياقوت.
- ماءه: أشد بياضاً من الثلج، وأحلى من العسل أو السكر.
- آنيته: من الذهب والفضة.
- منفعته: يشرب منه المسلمون في الموقف يوم القيامة شربة لا يظمأون بعدها أبداً.
-
نهر البيدخ: وهو نهر يغمس فيه الشهداء فيخرجون منه كالقمر ليلة البدر، وقد ذهب عنهم ما وجدوه من أذى الدنيا.
-
نهر بارق: وهو نهر على باب الجنة يجلس عنده الشهداء، يأتيهم رزقهم من الجنة بكرة وعشياً.
العيون والأشربة:
- عين تسنيم: وهي أشرف شراب أهل الجنة. ماؤها من الرحيق المختوم. يشربها المقربون صِرْفاً، وتُمزج بالمسك لأهل اليمين.
- عين سلسبيل: وهي شراب أهل اليمين، تُمزج بالزنجبيل.
- عين مزاجها الكافور: وهي شراب الأبرار.
بشكل عام، يصف الله شراب أهل الجنة بأنه أنهار من ماء غير آسن، وأنهار من لبن لم يتغير طعمه، وأنهار من خمر (لذة للشاربين لا تذهب العقل ولا تسكر)، وأنهار من عسل مُصفّى. هذه الأشربة جميعها لا تسكر ولا تصدع ولا تذهب العقل، بل تملأ شاربيها سروراً ونشوة.
أشجار الجنة وثمارها: طوبى وسدرة المنتهى
تتكامل طبيعة الجنة بأشجارها الملونة بالخضرة. وقد وردت صفات لأشجار عظيمة:
شجرة طوبى
ذكرت شجرة طوبى في القرآن الكريم والسنة النبوية.
- وصفها: هي شجرة في الجنة.
- حجمها: إذا سار الإنسان في ظلها، يظل يسير لمدة مائة عام.
- ثياب أهل الجنة: تخرج ثياب أهل الجنة من السندس والإستبرق من أكمام هذه الشجرة.
- ثمارها: يخرج منها الفاكهة مثل العنب. وقد وصف النبي ﷺ عِظم ثمارها:
- عنقود العنب: طول العنقود منها مسيرة شهر للغراب الأبقع لا يقع ولا ينثني ولا يفتر.
- حبة العنب: الحبة الواحدة منها تُشبع الرجل وأهل بيته وعامة عشيرته.
سدرة المنتهى
وهي شجرة عظيمة تقع تحت عرش الرحمن الرحيم. ومن صفاتها:
- تخرج من أصلها أربعة أنهار.
- هي مقام سيدنا إبراهيم عليه السلام، ومعه أطفال المؤمنين الذين ماتوا صغاراً، إذ يرعاهم إبراهيم كأب لهم جميعاً.
- أوراق هذه الشجرة تحمل علم الخلائق.
الحور العين ونساء الدنيا: جمال يفوق الوصف
من النعيم الحسي الذي وعد به المؤمنون في الجنة هو الزواج من الحور العين. الحور العين كائنات في الجنة، أعدت لأصحاب الجنة من الرجال.
أوصاف الحور العين الثابتة في السنة
لقد جاء وصف نعيم الجنة المتعلق بالحور العين بجمال يفوق الوصف:
-
العدد: يُزوَّج الشهيد اثنتين وسبعين زوجة من الحور العين، وأدنى أهل الجنة منزلة له زوجتان.
-
الجمال الظاهر:
- الحُورُ العِينُ: هي شديدة بياض العين وشديدة سوادها.
- هن كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ: أي كأنهن اللؤلؤ الأبيض الرطب الصافي البهي، المستور عن الأعين.
- هن كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ: في الصفاء صفاء الياقوتة، وفي البياض بياض اللؤلؤ.
- هن خَيْرَاتٌ حِسَانٌ: جمعن المحاسن ظاهراً وباطناً، وكمل خلقهن وخُلقهن، فهن خيرات الأخلاق حسان الوجوه.
- يُرى مُخُّ سُوقِهنَّ من وراء العظم واللحم من الحسن. ويُرى وجه الناظر في كبد إحداهن كالمرآة، من رقة الجلد وصفاء اللون.
- لو أن امرأة من نساء أهل الجنة اطلعت إلى الأرض، لأضاءت ما بينهما، ولملأت ما بينهما ريحاً. ولَنَصِيفُها (الخمار) على رأسها خير من الدنيا وما فيها.
-
الصفات المعنوية:
- العشق والمودة: هن عُرُبًا، أي متحببات إلى أزواجهن، وعاشقات لهم.
- الخلود: هن الْخَالِدَاتُ فَلَا نَبِيدُ، وَنَحْنُ النَّاعِمَاتُ فَلَا نَبْؤُسُ، وَنَحْنُ الرَّاضِيَاتُ فَلَا نَسْخَطُ.
- الحياء وقصر الطرف: هن قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ، قَصَرْن أنفسهن على أزواجهن من محبتهن لهم ورضاهن بهم. وهن مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ، أي ممنوعات من التبرج والتبذل لغير أزواجهن.
- الطهارة: هن أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ، طُهِّرن من الحيض والبول والغائط وكل أذى يكون في نساء الدنيا، وطُهِّرت بواطنهن من الغيرة وأذى الأزواج.
- النشأة والإبكار: الله أنشأهن إنشاءً فجعلهن أَبْكَارًا عُرُبًا أَتْرَابًا. وأَتْرَابًا أي في سن واحدة (33 سنة)، ومتواخيات بينهن ليس بينهن تباغض ولا تحاسد.
مكانة نساء الدنيا في الجنة
بشرت السنة النبوية نساء الدنيا المؤمنات اللاتي يدخلن الجنة بأنهن سيكسوهن الله عز وجل جمالاً يتفوقن به على الحور العين. وقد أفتى بعض العلماء بأن نساء الدنيا يكن خيراً من الحور العين، حتى في الصفات الظاهرة.
ذروة النعيم: رؤية وجه الله الكريم
إن أعظم النعيم الذي يُعطاه أهل الجنة هو رضوان الله تعالى والنظر إلى وجهه الكريم. لقد صرَّح الحق تبارك وتعالى برؤية العباد لربهم في جنات النعيم بقوله: ﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ﴾. أما الكفار والمشركون فيُحرمون من هذا النعيم العظيم.
وصف النبي صلى الله عليه وسلم هذا المشهد فقال: «إذا دخل أهل الجنة، يقول تبارك وتعالى: تريدون شيئًا أزيدكم؟ فيقولون: ألم تبيض وجوهنا؟ ألم تدخلنا الجنة، وتنجنا من النار؟ قال: فيكشف الحجاب، فما أعطوا شيئًا أحب إليهم من النظر إلى ربهم تبارك وتعالى».
وهذه الرؤية هي الزيادة المذكورة في قوله تعالى: ﴿لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ﴾، حيث فسرت الحسنى بالجنة، والزيادة بالنظر إلى وجه الله الكريم.
الاستعداد لدار النعيم
إن الجنة دار النعيم الأبدي، وهي الغاية العظمى التي يجب أن نسعى إليها. وللحصول على هذا العيش الرغيد والمساكن الطيبة، ينبغي للمؤمن أن يصبر نفسه على طاعة الله واجتناب محارمه.
وقد أرشد القرآن والسنة النبوية إلى أعمال صالحة يحبها الله سبحانه، ويغفر بها الذنوب ويرفع بها الدرجات، تساعدنا في نيل أعلى مراتب الجنة:
-
المحافظة على الصلاة والأعمال القائمة عليها:
- الحرص على أداء الصلاة في وقتها: فمن غدا إلى المسجد وراح، أعد الله له نُزله من الجنة كلما غدا أو راح.
- إسباغ الوضوء على المكاره وكثرة الخطى إلى المساجد: فهذه من مكفرات الذنوب التي يمحو الله بها الخطايا ويرفع بها الدرجات.
- صلاة ركعتين بعد الطهور مع الاستغفار: من ذنب، يُغفر له بإذن الله.
-
الاستغفار والصدقة والصيام:
- الاستغفار الكثير: طوبى لمن وجد في صحيفته استغفاراً كثيراً.
- الصدقة: تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار، وتخلص صاحبها من دخول النار ولو بشق تمرة.
- الصيام: صيام رمضان إيماناً واحتساباً يغفر ما تقدم من ذنبه. وصيام يوم في سبيل الله يُبعّد وجه صاحبه عن النار سبعين خريفاً.
-
الأخلاق الفاضلة والصبر:
- التسامح والعفو: العفو والصفح من صفات المتقين وسبب للتقوى، ويغفر الله بسببه.
- الصبر على الشدائد: الصابرون يوفون أجرهم بغير حساب. وما يصيب المسلم من نَصَب أو حزن أو أذى أو غم إلا كفّر الله به من خطاياه.
-
الأعمال الاجتماعية والخيرية:
- تفريج الكربات وعون الضعيف: من نفَّس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا، نفَّس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة.
- كفالة اليتيم: النبي ﷺ قال عن كافل اليتيم: «أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا، وقال بإصبعيه السبابة والوسطى».
- بر الوالدين عند الكبر: من أدرك أبويه عند الكبر فلم يدخل الجنة فقد رَغِمَ أنفه.
-
طلب العلم: من سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهّل الله له به طريقاً إلى الجنة.
هذه الأعمال الصالحة هي مفاتيح دخول الجنة وسبل الارتقاء في درجاتها. وقد أخبر النبي ﷺ أن الجنة مائة درجة، ما بين كل درجتين كما بين السماء والأرض، والفردوس أعلاها درجة، ومنها تتفجر أنهار الجنة.
الأسئلة الشائعة حول وصف الجنة ونعيمها
س1: ما هو وصف الجنة كما وصفها الرسول ﷺ من حيث البناء والمكونات الأساسية؟
ج: وصف الرسول ﷺ الجنة بأن بناءها لَبِنة من فضة ولبنة من ذهب، ومِلاطها (مونتها) المسك الأذفر، وحصباؤها اللؤلؤ والياقوت. أما تربتها، فقد تكون من الزعفران أو الدرمكة البيضاء (المسك الخالص). هذه المكونات تُكمل وصف نعيم الجنة المادي الذي لا يُشبه شيئاً في الدنيا.
س2: ما هي صفات أهل الجنة الخَلْقية، وكم يكون أعمارهم في دار النعيم؟
ج: يدخل أهل الجنة على صورة آدم عليه السلام بطول ستين ذراعاً. ويكونون شباباً في سن بين الثلاثين والثلاث والثلاثين سنة، وهم جُرد (خالون من الشعر) مُرد (بلا لحى) مُكحلون. وجمالهم يكون على حُسن يوسف عليه السلام. وهم لا يَبْأسون ولا يموتون ولا تَبلى ثيابهم ولا يفنى شبابهم.
س3: كيف يتخلص أهل الجنة من فضلات الطعام والشراب، وما هو أول طعامهم؟
ج: إن أهل الجنة يأكلون ويشربون تنعماً لا جوعاً ولا عطشاً، ولا يخرج منهم بول أو غائط أو بصاق. بل يخرج فضلات طعامهم على هيئة جُشاء (صوت من الفم عند الامتلاء) ورَشْحٍ كَرَشْحِ المِسْكِ (عرق برائحة المسك). أما أول طعامهم، فهو زيادة كبد الحوت (النُّون).
س4: ما هو أعظم وصف نعيم الجنة الذي يناله المؤمنون؟
ج: أعظم نعيم يناله المؤمنون في الجنة هو رضوان الله تعالى، والنظر إلى وجه الله الكريم جهرة. وقد وصف النبي ﷺ ذلك بأنه أحب شيء يُعطاه أهل الجنة، وأنه "الزيادة" المذكورة في القرآن.
إلى بلاد الأفراح
لقد مررنا في هذه المقالة بـ وصف الجنة ونعيمها كأنك تراها، من خلال ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم، بدءاً من بناءها المُرصّع بالذهب والفضة، إلى أنهارها المتفجرة بالكوثر والسلسبيل، ووصولاً إلى صفات أهلها الذين خُلقوا على أكمل صورة وأجمل هيئة. هذا النعيم أبدي لا يفنى ولا يزول، وهو دار الثبات والقرار. إن هذه التفاصيل ليست مجرد قصص، بل هي حقائق إيمانية تشحذ الهمم وتدفعنا للعمل الصالح لنسأل الله الفردوس الأعلى.
فلنجعل هذه الأوصاف حافزاً لنا على الثبات على الطاعات والاجتهاد في العبادات، لندرك تلك المساكن الطيبة، ونصحب أسرنا وأهل مودتنا فيها. فما هي إلا سويعات تنقضي، ويدرك غب السير من هو صابر.
دعوة للتفاعل: شاركونا آراءكم وأكثر ما أثر فيكم من وصف الجنة كما وصفها الرسول ﷺ. وهل لديكم أعمال أخرى تسعون بها لدخول جنات النعيم؟ (لتتمكن من تحقيق الهدف الأساسي من نيل هذا النعيم، تذكر أن الاستغفار والوضوء وإسباغ الطهور والصبر على الشدائد هي من مكفرات الذنوب التي ترفع الدرجات وتسهل الطريق إلى جنة الخلد).
