أدب وواقع كتب الطبخ العربية: من التراث إلى تحديات العصر

لطالما كان المطبخ العربي مرآة لحضارة غنية وممتدة، ليس فقط من حيث تنوع الأطعمة وروعة النكهات، بل في عمق توثيق هذه الفنون عبر التاريخ. إن كتب الطبخ العربية ليست مجرد أدلة وصفات؛ هي سجلات أدبية وثقافية واجتماعية تعكس رقيّاً حضارياً وإدراكاً عميقاً لوظيفة الطعام.

ولكن، بين الرونق التاريخي الذي خلفته لنا المخطوطات القديمة، والواقع المعاصر الذي يواجه تحديات النشر الرقمي والمنافسة الشرسة في السوق، يبرز سؤال: كيف تطور أدب وواقع كتب الطبخ العربية؟ وما هي المصاعب التي يواجهها الطهاة والمؤلفون اليوم في سعيهم لتوثيق هذا التراث العريق؟

في هذا المنشور، نغوص في رحلة عبر الزمن لاستكشاف الأهمية الأدبية والتاريخية لمخطوطات الطبخ، ثم ننتقل لنستعرض التحديات الواقعية التي تواجه النشر العربي المتخصص في الطهي، ونستمع إلى أصوات الطهاة المعاصرين.

أدب وواقع كتب الطبخ العربية: من التراث إلى تحديات العصر

الجذور العميقة: أدب الطبخ في الحضارة العربية

لم يكن الطعام في الحضارة العربية مجرد وسيلة لسد الجوع أو الاستمتاع بالشهوات؛ بل كان فنًا يُمارس من أجل الحفاظ على صحة الإنسان، مع إدراك عميق لطبائع الأبدان واحتياجاتها.

كتب الطبيخ في العصر العباسي والمملوكي

شهدت عصور الحضارة العربية ازدهارًا كبيرًا في تأليف كتب الطبيخ ورواجها. وقد نجت عشرة كتب فقط من ويلات الزمن من بين الكتابات الكثيرة التي انتشرت في العصر العباسي، وهي تنحدر من حواضر كبرى مثل بغداد وحلب ودمشق والقاهرة والأندلس.

كتاب الطبيخ لابن سيار الوراق

يعود أقدم كتاب طبخ وصل إلينا من العصور الوسطى إلى النصف الثاني من القرن العاشر في بغداد العباسية، وهو "كتاب الطبيخ وإصلاح الأغذية والمأكولات وطيبات الأطعمة المصنوعات مما استخرج من كتب الطب وألفاظ الطهاة وأهل اللب" لابن سيار الوراق (توفي نحو 961م).

يتميز كتاب الوراق بسعة وصفاته وشموليته، حيث احتوى على أكثر من ستمئة وصفة طعام مقسمة إلى أكثر من 130 فصلاً. كان هذا الكتاب مصممًا ليكون أشبه بكتب الطبخ الموضوعة على الطاولة في زمننا الحالي.

وقد ألف ابن سيار الكتاب بطلب من أحد الرعاة الأغنياء (يُحتمل أنه سيف الدولة الحمداني)، وكان يهدف إلى وصف الأطباق والأطعمة التي يتناولها الخلفاء والأمراء وكبار الشخصيات.

ماذا احتوت مخطوطات الطبخ العباسية؟

  • تنوع الوصفات: ذكر الوراق 15 نوعًا مختلفًا من الخبز، مفصلاً في طريقة عمل كل منها. كما شمل الكتاب القطايف المعروفة باسمها حتى اليوم، والمنسف الأردني (بطبق قريب منه)، والكعك العراقي (كليجة).
  • الطعام النباتي: لم يغفل الوراق "الطعام النباتي"، حيث شرح أطباقاً نباتية سماها "مزورات"، وهي أطعمة كان يتحايل بطبخها مثل عجة من غير بيض ولبن من غير ضرع.
  • الفوائد الصحية: ضم الكتاب فصولاً عن الفوائد الصحية لأطباق الطعام، وآثارها على الجسم أو القلب أو المزاج. واقترح الوراق تناول الفاكهة قبل الطعام، وليس بعده، وعدم الإطالة في النوم بعد الأكل.

كتاب الطبيخ للبغدادي وكنوز المماليك

في ختام العصر العباسي، ظهر كتاب "الطبيخ" لمحمد بن حسن البغدادي (ت 1239م)، وهو كتاب شامل وفريد في تناوله. وقسّم البغدادي أبوابه لتشمل الحوامض، السواذج، القلايا، النواشف، الهرائس، التنوريات، المطجنات، البوارد، وكذلك السمبوسك والمخللات.

أسهم وصول المماليك للحكم في مصر والشام في ازدهار الكتابة الأدبية حول الطبخ، حيث كان الجنود أنفسهم يستمتعون بالطبخ. واشتهر في مصر المملوكية مجلد "كنز الفوائد في تنويع الموائد"، وهو آخر مجلد طهي رئيسي ناجٍ من المنطقة العربية الإسلامية بأسرها من القرن الرابع عشر. وقد أظهر هذا الكتاب وفرة السكر في الأسواق المصرية وتكلفته المعقولة في وقت كان فيه السكر سلعة نادرة في أوروبا.

الطبخ كفعل اجتماعي وصحي

كانت مخطوطات الطبخ العربية تتناول إعداد الطباخ وأدوات الطبخ وأنواع المواد الداخلة في الطبخ وفوائدها. أدب الطباخ: أكد محمد بن الحسن الكاتب على ضرورة أن يكون الطباخ حاذقًا وعارفًا بقوانين الطبخ وبصيرًا بصنعته. كما شدد على معايير صارمة للنظافة، مثل قص الأظافر، ونظافة الأواني، واختيار أجود المكونات والبهارات (الأباريز). آداب المائدة: خصص ابن سيار الوراق قسماً لآداب المائدة والمنادمة وأشعار الأكل. وحتى أنماط التقديم كانت موضوعًا مهمًا؛ ففي الأندلس، قام الموسيقي العراقي زرياب بتغيير عادات الطعام بتقديم الطعام بترتيب محدد يبدأ بالشوربة ثم السمك فاللحم، وينتهي بالفاكهة والحلوى. الطب والغذاء: تعكس هذه المخطوطات رؤية مفادها أن الوقاية من الأمراض تسبق كل شيء، وأن الطعام يجب أن يطبخ من أجل الحفاظ على صحة الإنسان. فالكتاب كان يوضح آثار الوصفات الصحية على القلب أو البدن أو الدم أو المزاج.

واقع كتب الطبخ العربية الحديثة: تحديات النشر والسوق

في الوقت الذي تحتفي فيه الثقافة العربية المعاصرة ببروز طهاة وكتّاب متخصصين، فإن واقع نشر كتب الطبخ في المنطقة يواجه تحديات هيكلية مقارنة بالازدهار التاريخي السابق.

ندرة الاهتمام بالتفاصيل وجودة التصوير

يشير الطاهي والكاتب غريغ معلوف (Greg Maloof)، وهو لبناني الأصل مقيم في دبي وله ثمانية كتب طبخ عن المأكولات الشرق أوسطية المعاصرة، إلى أن النشر في الشرق الأوسط "يجب أن يكون أفضل". ويضيف معلوف أنه لا يوجد اهتمام كبير بالتفاصيل، وجودة تصوير الطعام (food photography) مقبولة ولكنها ليست دقيقة بما يكفي.

هذه الملاحظة حول غياب المعايير الدقيقة ليست وليدة اليوم. فقد أشارت الشيف منال العالم إلى أنها واجهت تحديات كبيرة في تطبيق الوصفات القديمة التي كانت تعتمد على "معايير بدائية" مثل "ملعقة شاي ونصف كوب ورشة بهار". هذا النقص في التوثيق الدقيق كان دافعًا لها لتبني ثقافة المعايير في المطبخ العربي، واستخدام المكاييل الخاصة والمحددة لضمان أن يكون الطبق قابلاً للتحضير بنفس الطعم والجودة في كل مرة.

تحدي السوق المحدود والمنافسة الرقمية

يعتبر سوق كتب الطبخ في منطقة الشرق الأوسط محدوداً لعدة أسباب.

  1. منافسة الإنترنت: يرى غريغ معلوف أن الإنترنت هو أحد الأسباب الرئيسية، حيث يمكن للشخص أن يبحث في جوجل عن وصفة ويجد "20 وصفة مختلفة". قد تكون هذه الوصفات مأخوذة من مصادر أخرى (منسوخة أو مسروقة)، أو قد تكون غير دقيقة، أو تتطلب دفع المال، لكنها تظل منافسة.
  2. تقلص ثقافة الطبخ المنزلي: يرى معلوف أن فكرة الوجبات المطبوخة في المنزل تتضاءل (shrinking)، حيث يختار الكثير من الناس تناول الطعام في المطاعم أو طلب الوجبات الجاهزة.
  3. حجم المبيعات: حتى بالنسبة للكتب الحائزة على جوائز والتي تتناول المأكولات المعاصرة، فإن سوقها قد يكون متخصصاً (niche market). قد يصل حجم المبيعات لنسخة مطبوعة صغيرة إلى حوالي 15,000 نسخة، لكن المبيعات السنوية قد لا تتجاوز ثلاثة أو أربعة آلاف نسخة، وهو رقم "ليس كثيراً". وهذا يتطلب من المؤلفين بذل جهد كبير لدفع الأسواق لترويج كتبهم.

أصوات من المطبخ العربي المعاصر: الشغف والمعايير

على الرغم من تحديات النشر، فإن الطهاة العرب المعاصرين يواصلون جهودهم لتوثيق المطبخ الشرقي وتطويره، مستندين إلى الشغف والدقة.

منال العالم: إيصال المطبخ الشرقي بـ "المكاييل الخاصة"

تؤكد الشيف منال العالم أن هاجسها هو "إيصال تفاصيل مطبخنا الشرقي إلى العالم". كان اكتشافها للشغف بالطبخ في البداية تحدياً شخصياً (كـ "ست بيت") للوصول إلى مستوى تحضير الطعام لزوجها، لكن صعوبة تطبيق الوصفات القديمة غير الدقيقة دفعها لإدخال معايير دقيقة ومكاييل خاصة.

بالنسبة لمنال العالم، نجاح الطبق لا يعتمد على "سحر الأنامل" كما يتخيل البعض، بل على الوضوح وتطبيق المقادير اللازمة بدقة، مع الأخذ في الاعتبار عوامل مثل درجة حرارة الفرن ونوع الأواني المستخدمة، لأن كل هذه العناصر تؤثر على الطعم.

وتحذر الشيف منال من ظاهرة "الفيوجن" (fusion) الرائجة في المطابخ اليوم، قائلة إنها ليست ضد المزج بين الأطباق العربية والغربية، ولكن يجب أن يتم ذلك "بذكاء" وبطريقة لا تفقد الهوية العربية الحقيقية. وتشدد على ضرورة بذل الجهد لنتعلم كيف نكتب تلك الوصفات بأسس وركائز متينة، لكي يكون انفتاح العالم علينا مبنياً على قواعد واضحة.

تجربة الطاهي والمؤلف في النشر العالمي

إن عملية إنتاج كتب الطبخ الاحترافية هي عملية مكثفة وشاقة، وتتطلب وقتاً طويلاً قد يصل إلى عامين للكتاب الكبير، أو سنة ونصف للكتب الأصغر. حتى الكتب سريعة التنفيذ قد تستغرق ثمانية أشهر.

يصف غريغ معلوف عملية إنتاج كتاب الطبخ الخاص به بأنها تبدأ بإنشاء قائمة ضخمة من الأطباق (قد تصل إلى 200 طبق). يلي ذلك عملية شاقة ومكثفة لـ اختبار الوصفات (recipe test)، حيث يتم اختبار حوالي 150 طبقًا، ليتم اختيار 100 طبق نهائي منها. هذه العملية تستغرق شهراً كاملاً، حيث يتم توثيق كل تفصيلة: المكونات، التوقيت، وأصل الطبق.

بالإضافة إلى عملية التوثيق، فإن تصوير الطعام يتطلب دقة عالية ووقتًا طويلاً. قد يستغرق التقاط صورة واحدة ساعة أو أكثر. فمن بين 100 وصفة، قد يتم تصوير ستة عشر طبقًا فقط، مما يتطلب ثمانية أيام عمل على الأقل، مع تصوير حوالي عشرة أطباق في اليوم الجيد. وبعد الانتهاء من التصوير، تخضع المادة لعملية تحرير مكثفة قبل الطباعة النهائية.

مستقبل كتب الطبخ: العصر الرقمي مقابل سحر الورق

مع تزايد الاعتماد على الإنترنت، ظهرت كتب الطبخ الرقمية كبديل لـ كتب الطبخ الورقية التقليدية، لكن التفضيل بينهما لا يزال مسألة شخصية مع دلائل تشير لفوائد لكليهما.

مميزات كتب الطبخ الرقمية

يتيح النشر الرقمي للوصفات والمحتوى التفاعل والانتشار بسهولة، خاصة من خلال منصات النشر الرقمي مثل FlipHTML5.

  1. الوصول والمرونة: تخزين الوصفات في السحابة يجعلها سهلة القراءة والمشاركة. يمكن الوصول إليها في أي مكان عبر الهاتف، ويسهل مشاركتها مع الأصدقاء والعائلة عبر عنوان URL أو رمز QR.
  2. توفير المساحة والبحث السريع: الكتب الرقمية توفر مساحة كبيرة، خاصة في مناطق الطهي المحدودة. ويمكن العثور على الوصفات بسرعة فائقة عبر مربع البحث أو جدول المحتوى القابل للنقر، إما بإدخال اسم الوصفة أو أحد المكونات.
  3. التفاعل والتوثيق المتقدم: تتيح الكتب الرقمية إضافة وسائط تفاعلية مثل مقاطع الفيديو، صور GIF لشرح خطوات الطهي، وعروض شرائح الصور، مما يجعل التعليمات خطوة بخطوة أسهل، خاصة لمن لا يمتلكون الكثير من ذوق الطهي.
  4. النشر الذاتي والربح: يمكن لكاتب كتب الطبخ المحترف النشر الذاتي وبيع كتبه عبر الإنترنت دون تكلفة طباعة أو شحن أو عمولة، مع ذهاب الأرباح مباشرة إلى حسابه.

لماذا لا يزال للكتب الورقية سحرها؟

على الرغم من سهولة الكتب الرقمية، تشير الأبحاث إلى أن الكتب المطبوعة (الورقية) لا تزال توفر فوائد جوهرية، خاصة في سياق التعلم والتركيز.

  • التركيز والتعلم الأفضل: أظهرت الدراسات أن العقول تكون أكثر شروداً عند القراءة رقمياً، حيث يميل الناس لقراءة المعلومات المهمة بنفس عقلية قراءة وسائل التواصل الاجتماعي أو العناوين الرئيسية. في المقابل، يتيح الكتاب الورقي تركيزاً أكبر وقد يؤدي إلى تحصيل أكاديمي أفضل لدى الأطفال.
  • تقليل المشتتات وإجهاد العين: الكتب الورقية خالية من الإشعارات التي تقاطع جلسة القراءة، مما يمنع التشتت والقيام بمهام متعددة. كما أن القراءة على الشاشات تسبب إجهاداً أكبر للعين والصداع؛ حيث يقل معدل الرمش مما يسبب جفاف العيون.
  • السعادة والتجربة الحسية: كثير من الناس يحبون حمل الكتب الحقيقية، ورائحتها، وملمسها، مما يشعرهم بالسعادة. كما أن الإحساس الملموس بالقدرة على تحديد موقع معين مادياً في الكتاب يعزز الذاكرة والتذكر.
  • النوم الأفضل: القراءة على الأجهزة الرقمية مثل الهواتف وأجهزة القراءة الإلكترونية تؤثر سلباً على النوم، حيث تزيد وقت الاستغراق في النوم وتقلل إفراز الميلاتونين. لذا، يُنصح بإيقاف تشغيل أجهزة القراءة الإلكترونية قبل النوم بساعة واحدة.

في الختام، يمثل أدب وواقع كتب الطبخ العربية مزيجاً فريداً من التراث الغني الموثق بأعمق التفاصيل الصحية والأدبية، وواقعاً حديثاً يصارع للبقاء في وجه العصر الرقمي وضغوط السوق. سواء كان التوثيق عبر مخطوط عباسي مزخرف أو كتاب رقمي تفاعلي، يظل الهدف واحداً: الحفاظ على هوية المطبخ الشرقي وإيصالها بوضوح ودقة إلى العالم.

أسئلة وأجوبة شائعة حول أدب وواقع كتب الطبخ العربية

س1: ما هو أقدم كتاب طبخ عربي معروف؟

ج: أقدم كتاب طبخ عربي وصل إلينا من العصور الوسطى هو "كتاب الطبيخ وإصلاح الأغذية والمأكولات وطيبات الأطعمة المصنوعات مما استخرج من كتب الطب وألفاظ الطهاة وأهل اللب" لابن سيار الوراق. يعود تاريخه إلى منتصف القرن العاشر الميلادي تقريباً (حوالي 940م) في بغداد العباسية. وقد احتوى على أكثر من 600 وصفة.

س2: لماذا اهتمت المخطوطات العربية القديمة بربط الطبخ بالصحة والطب؟

ج: لم يكن الطعام عند العرب القدامى مجرد متعة، بل كان يُطبخ من أجل الحفاظ على صحة الإنسان. اتبع المؤلفون الأوائل، مثل ابن سيار الوراق، مفهوم الصحة السائد في ذلك الوقت، والذي كان يعتمد على نظرية غالينوس عن الطبائع الأربعة للكون. كانت الكتب توضح الفوائد الصحية للأطباق وتأثيرها على الجسم، وكان هدف ابن سيار أن يكون كتابه "الوصلة إلى الحبيب ليستغني به عن علاج الطبيب".

س3: ما هي أبرز التحديات التي تواجه نشر كتب الطبخ العربية في العصر الحديث؟

ج: يواجه نشر كتب الطبخ العربية عدة تحديات، أبرزها: محدودية السوق، والمنافسة الشديدة من الإنترنت (حيث يمكن الحصول على وصفات مجانية أو رخيصة بسهولة)، وقلة الاهتمام بالدقة في التفاصيل وجودة تصوير الطعام مقارنة بالمعايير العالمية. كما أن ثقافة الطبخ المنزلي آخذة في التضاؤل لصالح تناول الطعام بالخارج أو الوجبات الجاهزة.

س4: ما هي الأهمية التي أدخلتها الشيف منال العالم على توثيق الوصفات الشرقية؟

ج: أدخلت الشيف منال العالم ثقافة المعايير الدقيقة على المطبخ العربي. فقد لاحظت أن الوصفات القديمة تفتقر إلى الدقة، لذا اعتمدت استخدام المكاييل الخاصة والمحددة، ودرجات حرارة الفرن، وأنواع الأواني، مما يضمن أن تكون الوصفة "متينة بعناصرها" ويمكن لأي شخص في أي مكان تطبيقها والتلذذ بطعمها الأصيل دون تغيير.

س5: ما هي ميزة الكتب الورقية في الطبخ مقارنة بالكتب الرقمية؟

ج: الكتب الورقية توفر تجربة حسية (الرائحة والملمس) تزيد من متعة القراءة. كما أنها تقلل من المشتتات الرقمية (الإشعارات) التي تصرف الذهن، مما يساعد على زيادة التركيز والتعلم. بالإضافة إلى ذلك، فإن القراءة الطويلة على الشاشات تزيد من إجهاد العين والصداع، وهي مشكلة تقل عند استخدام الكتب المطبوعة.

إن أدب وواقع كتب الطبخ العربية يمتد من العصور العباسية الذهبية، حيث كانت المخطوطات مثل "كتاب الطبيخ" لابن سيار الوراق توثق مئات الوصفات بتفاصيل صحية وأدبية دقيقة، وصولاً إلى العصر الحديث حيث يواجه المؤلفون تحديات في النشر، أبرزها محدودية السوق والمنافسة الشرسة من الوصفات الرقمية. يستجيب الطهاة المعاصرون لهذه التحديات، مثل غريغ معلوف الذي يخوض عملية توثيق شاقة، والشيف منال العالم التي تصر على إدخال المكاييل والمعايير الدقيقة لضمان أن يصل المطبخ الشرقي بجميع تفاصيله ووضوحه إلى العالم. وبينما توفر الكتب الرقمية الراحة والتفاعل، لا يزال للكتب المطبوعة سحرها في تعزيز التركيز وتوفير تجربة قراءة مريحة.

تعليقات